وَعَلَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قِيمَةَ الذَّهَبِ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. فَإِذَا اسْتَثْنَى أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ: لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْجَهَالَةِ غَالِبًا. قَالَ: وَعَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يَجِيءُ صِحَّةُ الْبَيْعِ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ فِي الْإِقْرَارِ. لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لِلْبَيْعِ: الْجَهْلُ فِي حَالِ الْعَقْدِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِرَقْمِهِ لَمْ يَصِحَّ، لِلْجَهْلِ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهُ. وَعَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يُخْرِجُ الثَّمَنَ عَنْ كَوْنِهِ مَجْهُولًا حَالَةَ الْعَقْدِ. وَفَارَقَ هَذَا الْإِقْرَارَ. لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ يَصِحُّ: قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ مُتَّجَهٌ. لَا دَافِعَ لَهُ. انْتَهَى.
قُلْت: فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. فَإِنَّ قَوْلَهُ " عَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يُخْرِجُ الثَّمَنَ عَنْ كَوْنِهِ مَجْهُولًا حَالَةَ الْعَقْدِ " غَيْرُ مُسَلَّمٍ. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بَلْ كُلُّهُمْ إلَّا قَلِيلًا يَعْلَمُ قِيمَةَ الدِّينَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ. فَلَا تَحْصُلُ الْجَهَالَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ لِغَالِبِ النَّاسِ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ (وَفِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَوْ بَاعَ مَجْهُولًا وَمَعْلُومًا. هَذَا يَصِحُّ. أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْجَهْلَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَجْهَلُ قِيمَتَهُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ: مَجْهُولًا لَا مَطْمَعَ فِي مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ. وَقِيلَ: يَتَعَذَّرُ عِلْمُ قِيمَتِهِ. انْتَهَى.
فَأَمَّا إنْ قَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا. فَفِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إنْ قُلْنَا: الْعِلَّةُ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ: لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. وَإِنْ قُلْنَا: الْعِلَّةُ جَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ: صَحَّ الْبَيْعُ. وَعَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ: يَدْخُلُ الرَّهْنُ، وَالْهِبَةُ، وَالنِّكَاحُ، وَنَظَائِرُهَا.