وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ ظُنَّ صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا. وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) فَتَقْيِيدُهُ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ: احْتِرَازًا عَمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، كَالْحَشَرَاتِ وَنَحْوِهَا. وَتَقْيِيدُهُ الْمَنْفَعَةَ بِالْإِبَاحَةِ: احْتِرَازًا عَمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا. وَتَقْيِيدُهُ بِالْإِبَاحَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ: احْتِرَازًا عَمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِضَرُورَةٍ، كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ. قَالَهُ ابْنُ مُنَجَّا، وَقَالَ: فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ " لِغَيْرِ حَاجَةٍ " لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ اقْتِنَاءَ الْكَلْبِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَضْطَرُّ. فَمُرَادُهُ بِالضَّرُورَةِ: الْحَاجَةُ. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَقَوْلُهُ " لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ " احْتِرَازًا مِنْ الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُبَاحُ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ، وَالْخَمْرِ الَّتِي تُبَاحُ لِدَفْعِ اللُّقْمَةِ بِهَا. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ أَقْعَدُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّا. وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ.
تَنْبِيهٌ
دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ بَيْعٍ مُجَازٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ. وَمُعَيَّنٍ مِنْ حَائِطٍ يَجْعَلُهُ بَابًا، وَمِنْ أَرْضِهِ يَصْنَعُهُ بِئْرًا، أَوْ بَالُوعَةً، وَعُلْوِ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بِنَاءً مَوْصُوفًا. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ مَبْنِيًّا، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْخُلَاصَةُ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصُّلْحِ.
قَوْلُهُ (فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَحَكَاهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ إجْمَاعًا.