وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً: يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ الْعُشْرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ. وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْهُ يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الْحَرْبِيِّ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَكْثَرَ. وَفِي الْوَاضِحِ: يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْخُمُسُ. وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ تَاجِرِ الْمِيرَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا شَيْءٌ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَنَّ لِلْإِمَامِ تَرْكَ الْعُشْرِ عَنْ الْحَرْبِيِّ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطٍ وَتَرَاضٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: الذِّمِّيُّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. وَفِي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا. اخْتَارَهُ شَيْخُنَا.
وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْعُشْرِ فِي أَمْوَالِهِمْ. وَعَلَى ذَلِكَ: هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا إلَى غَيْرِ بَلَدِنَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: يَخْتَصُّ بِهَا.
وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا لَا يَتَّجِرُونَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَثِمَارِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ. قَالَ: وَأَهْلُ الْحَرْبِ إذَا دَخَلُوا إلَيْنَا تُجَّارًا بِأَمَانٍ: أُخِذَ مِنْهُمْ الْعُشْرُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، سَوَاءٌ عَشَّرُوا هُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، إذَا دَخَلَتْ إلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ . وَعَنْهُ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ فَعَلَ بِهِمْ وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. وَأُخِذَ الْعُشْرُ مِنْهُمْ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ نَاظِمُهَا:
وَالْكَافِرُ التَّاجِرُ إنْ مَرَّ عَلَى ... عَاشِرِنَا نَأْخُذُ عُشْرًا انْجَلَى
حَتَّى وَلَوْ لَمْ ذَا عَلَيْهِمْ شَرْطًا ... أَوْ لَمْ يَبِيعُوا عِنْدَنَا مَا سَقَطَا
أَوْ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُوا ذَاكَ بِنَا ... هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا
انْتَهَى.