مَنْ كَنَّى عَنْهُ بِكَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ مَكَانَهُ بَيَاضًا. لِأَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا ذِكْرَ " ثَوْرٍ " خَطَأً. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَصْلُ الْحَدِيثِ «مِنْ عَيْرٍ إلَى أُحُدٍ» وَكَذَا قَالَ الْحَازِمِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَقَالَ: الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ. وَقَدَّرُوا كَمَا قَدَّرَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.

قَالَ فِي الْمَطْلَعِ: وَهَذَا كُلُّهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ " ثَوْرًا " بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا الْعَلَّامَةُ عَفِيفُ الدِّينِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مَزْرُوعٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: صَحِبْت طَائِفَةً مِنْ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي هَيْثَمٍ، وَكُنْت إذَا صَحِبْت الْعَرَبَ أَسْأَلُهُمْ عَمَّا أَرَاهُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ وَادٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَرَرْنَا بِجَبَلٍ خَلَفَ أُحُدٍ، فَقُلْت: مَا يُقَالُ لِهَذَا الْجَبَلِ؟ قَالُوا: هَذَا جَبَلُ ثَوْرٍ، فَقُلْت: مَا تَقُولُونَ؟ ، قَالُوا: هَذَا " ثَوْرٌ " مَعْرُوفٌ مِنْ زَمَنِ آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا، فَنَزَلْت وَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ. انْتَهَى. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حُسَيْنٍ الْمَرَاغِيُّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي مُخْتَصَرٍ لِأَخْبَارِ الْمَدِينَةِ: أَنَّ خَلَفَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَنْقُلُونَ عَنْ سَلَفِهِمْ: أَنَّ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ جَبَلًا صَغِيرًا إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ. يُسَمَّى " ثَوْرًا " قَالَ: وَقَدْ تَحَقَّقْته بِالْمُشَاهَدَةِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ الْعَالِمُ عَبْدُ السَّلَامِ الْبَصْرِيُّ: أَنَّ حَدَّ أُحُدٍ عَنْ يَسَارِهِ جَانِحًا إلَى وَرَائِهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ " ثَوْرٌ " وَأَخْبَرَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ سُؤَالُهُ عَنْهُ لِطَوَائِفَ مِنْ الْعَرَبِ الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْجِبَالِ، فَكُلٌّ أَخْبَرَ: أَنَّ ذَلِكَ الْجَبَلَ اسْمُهُ " ثَوْرٌ " وَتَوَارَدُوا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: فَعَلِمْنَا أَنَّ ذِكْرَ " ثَوْرٍ " فِي الْحَدِيثِ صَحِيحٌ، وَأَنَّ عَدَمَ عِلْمِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ بِهِ لِعَدَمِ شُهْرَتِهِ، وَعَدَمِ بَحْثِهِمْ عَنْهُ. قَالَ: وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: وَحَرَمُهَا مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا، وَقِيلَ: كَمَا بَيْنَ ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَحَرَمُهَا مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015