وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ: فِي دِبْقٍ قَبْلَ إحْرَامِهِ لَا يَضْمَنُ بِهِ. بَلْ بَعْدَهُ. كَنَصْبِ أُحْبُولَةٍ، وَحَفْرِ بِئْرٍ، وَرَمْيٍ، اعْتِبَارًا بِحَالَةِ النَّصْبِ وَالرَّمْيِ، وَيُحْتَمَلُ الضَّمَانُ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ، وَقَالَ أَيْضًا: يَتَصَدَّقُ مَنْ آذَاهُ أَوْ أَفْزَعَهُ بِحَسَبِ أَذِيَّتِهِ اسْتِحْسَانًا. قَالَ: وَتَقْرِيبُهُ كَلْبًا مِنْ مَكَانِ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ، كَتَقْرِيبِهِ الصَّيْدَ مِنْ مُهْلِكَةٍ.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا، فَيَكُونُ جَزَاؤُهُ بَيْنَهُمَا) . يَعْنِي إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا وَالْمُتَسَبِّبُ فِي قَتْلِهِ مُحْرِمًا، فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّ الْجَزَاءَ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ، اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْهِدَايَةِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمَذْهَبِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ. [وَلَوْ أَهْدَى وَاحِدٌ، وَصَامَ الْآخَرُ، فَعَلَى الْمُهْدِي بِحِصَّتِهِ، وَعَلَى الصَّائِمِ صَوْمٌ تَامٌّ] . نَقَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: الْجَمَاعَةُ، وَنَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُبْهِجِ، وَقَالَ: هِيَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ قَاتِلٍ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مَعَ مُبَاشِرٍ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ، فَقَتَلَ مُحِلٌّ. انْتَهَى. وَقِيلَ: الْقَرَارُ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ جَعَلَ فِعْلَ الْمُمْسِكِ [عِلَّةً. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: