قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَعَنْهُ فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ: يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ كَالْمُسْلِمِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْمَانِعِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: يَتَخَرَّجُ فِي الصَّبِيِّ، وَالْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي، وَالْفَائِقِ، بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ، وَهُمَا: مِثْلُهُ، وَقَالَ فِي [الرِّعَايَةِ] الْكُبْرَى، وَغَيْرُهُ مِثْلُهُ وَأَوْلَى. انْتَهَى.
قُلْت: لَوْ قِيلَ بِالدَّمِ عَلَيْهِمَا دُونَ الْكَافِرِ، وَالْمَجْنُونِ: لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِصِحَّتِهِ مِنْهُمَا مِنْ الْمِيقَاتِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ، وَمَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّخْرِيجِ، وَقَالَ: الرِّوَايَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْكَافِرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ. انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَبَنَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي الْكَافِرِ عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ، وَعَنْهُ يَلْزَمُ الْجَمِيعَ دَمٌ إنْ لَمْ يُحْرِمُوا مِنْ الْمِيقَاتِ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ، إذَا أَفَاقَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ: فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ إفَاقَتِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ تَجَاوَزَ الْمُحْرِمُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الْمِيقَاتَ، بِلَا إحْرَامٍ: لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ الْوَاجِبِ فِي الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا وَأَصْحَابُهُ: يَقْضِيهِ، وَأَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إلَيْهِ. كَنَذْرِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ (إلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ حَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ. كَالْحَطَّابِ) ، وَالْفَيْجِ، وَنَقْلِ الْمِيرَةِ، وَالصَّيْدِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَا تَرَدُّدُ الْمَكِّيِّ إلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ. وَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الْحُدُودِ: هَلْ يَجُوزُ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ.