كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَعَنْهُ أَنَّ إمْكَانَ الْمَسِيرِ وَتَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ: مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمُحْرِمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْفِعْلِ إذَا قَدَرَ؟ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْزِمْ. كَمَا نَقُولُ فِي طَرَيَان الْحَيْضِ، وَتَلَفِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ. وَالْعَزْمُ فِي الْعِبَادَاتِ مَعَ الْعَجْزِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَوْ حَجَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ: تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ كَمُلَتْ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ: حَجَّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَإِنْ أَعْسَرَ قَبْلَ وُجُودِهِمَا: بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ قَبْلَ وُجُودِهِمَا.
فَائِدَةٌ: يَلْزَمُ الْأَعْمَى أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُعْتَبَرُ لَهُ قَائِدٌ. كَبَصِيرٍ يَجْهَلُ الطَّرِيقَ، وَالْقَائِدُ لِلْأَعْمَى كَالْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ. ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَطْلَقُوا الْقَائِدَ، وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: يُشْتَرَطُ لِلْأَدَاءِ قَائِدٌ يُلَائِمُهُ. أَيْ يُوَافِقُهُ، وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْقَائِدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ، وَقِيلَ: وَغَيْرُ مُجْحِفَةٍ، وَلَوْ تَبَرَّعَ الْقَائِدُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْمِنَّةِ.