وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ يُسَنُّ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْخِيَارِ يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَبَرِ، وَلَا يَصِحَّانِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ بُطْلَانَهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْإِجَارَةُ فِيهِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحُدُودِ: هَلْ يَحْرُمُ إقَامَةُ الْحَدِّ فِيهِ أَمْ يُكْرَهُ؟ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا عَقَدَهُ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.

الرَّابِعَةُ: يَحْرُمُ التَّكَسُّبُ بِالصَّنْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، كَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَالْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ. قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْمُذْهَبِ. قَالَ الْمَجْدُ: قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ فِي اشْتِرَاطِهِ. وَنَقَلَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ، فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ فَلَا يَعْتَكِفُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلَا أَنْ يَصْنَعَ الصَّنَائِعَ. قَالَ: وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ الْإِقْرَاءِ وَإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: يُكْرَهُ أَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ. حَكَاهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ احْتَاجَ لِلُبْسِهِ خِيَاطَةً أَوْ غَيْرَهَا، لِلتَّكَسُّبِ، فَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: لَا يَجُوزُ. حَكَاهُ الْمَجْدُ، وَاخْتَارَ هُوَ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا الْجَوَازَ. قَالُوا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، كَلَفِّ عِمَامَتِهِ وَالتَّنْظِيفِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015