وَهَذَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ تَخَفْ تَلْوِيثَهُ، فَأَمَّا إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ: فَأَيْنَ شَاءَتْ، وَكَذَا بِشَرْطِ الْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مَعَ سَلَامَةِ الزَّمَانِ. قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ.
(وَنَحْوُ ذَلِكَ) ، فَنَحْوُ ذَلِكَ: إذَا تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ، أَوْ إنْقَاذِ غَرِيقٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا إذَا أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَكَذَا لَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا، فَخَرَجَ وَاخْتَفَى، وَإِنْ أَخْرَجَهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ وَاجِبٌ.
فَائِدَةٌ: لَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ كَالصَّوْمِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: يَبْطُلُ، لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ كَالْجِمَاعِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ: لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ. وَيَبْنِي، كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ، وَاخْتَارَهُ، وَذِكْرُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ أَيْضًا: أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ الْمُكْرَهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْخُرُوجِ، وَلَوْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا، وَلَا يُشَيِّعُ جِنَازَةً) . كَذَا كُلُّ قُرْبَةٍ، كَزِيَارَةٍ، وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا، وَتَغْسِيلِ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ: لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ بِالْمَنْعِ، مَعَ الِاشْتِرَاطِ أَيْضًا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَقْضِي زَمَنَ الْخُرُوجِ إذَا نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. كَمَا لَوْ عَيَّنَ الشَّهْرَ. قَالَ الْمَجْدُ: وَلَوْ قَضَاهُ صَارَ الْخُرُوجُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمَشْرُوطُ فِي غَيْرِ الشَّهْرِ