وَالْمَدِينَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ الْمَسْجِدَ، عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَظَاهِرِ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا كَانَ فِي زَمَانِهِ لَا مَا زِيدَ فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فِي مَسْجِدِي هَذَا» وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ حُكْمُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ (وَالْأَفْضَلُ: الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ) وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ وَجْهًا بِلُزُومِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ، فَإِنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ بَطَلَ لِخُرُوجِهِ إلَيْهَا. فَائِدَةٌ: يَجُوزُ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ الَّذِي يَتَخَلَّلُهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ، إلَّا مَسْجِدَ قُبَاءَ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِيهِ. لَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ.

تَنْبِيهَانِ: الْأُولَى: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّهُ سَوَاءٌ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ، عَتِيقٍ أَوْ جَدِيدٍ. امْتَازَ بِمَزِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، كَقِدَمٍ وَكَثْرَةِ جَمْعٍ أَوْ لَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي: إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ بَعِيدًا يَحْتَاجُ إلَى شَدِّ رَحْلٍ يَلْزَمُهُ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، فَإِنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ لُزُومُهُ، تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015