بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ: جَوْفُ اللَّيْلِ» قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّوَاتِبَ أَفْضَلُ، فَمُرَادُهُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ: فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَالتَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ، وَقَالَ: صَوْمُ شَعْبَانَ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ كَالرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرَائِضِ. قَالَ: فَظَهَرَ أَنَّ فَضْلَ التَّطَوُّعِ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ رَمَضَانَ، قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ مُلْتَحِقٌ بِصِيَامِ رَمَضَانَ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى. فَوَائِدُ الْأُولَى: أَفْضَلُ الْمُحَرَّمِ: الْيَوْمُ الْعَاشِرُ، وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. ثُمَّ التَّاسِعُ، وَهُوَ تَاسُوعَاءُ. ثُمَّ الْعَشْرُ الْأُوَلُ.
الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصِّيَامِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ أَمَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِصَوْمِهَا، وَوَافَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ: مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُكْرَهُ. الثَّالِثَةُ: لَمْ يَجِبْ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي. قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا. ثُمَّ نُسِخَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ.
قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي تَحْرِيمِ إفْرَادِهِ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَرَاهَةِ أَحْمَدَ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ غَيْرِ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ. وَهُوَ صَحِيحٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ. قَالَ الْمَجْدُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.