وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، فَلَا تُكْرَهُ. لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْكِ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي.

فَائِدَةٌ: إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يُفْطِرْ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا، وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ مَنْ اقْتَصَرَ مِنْ الْأَصْحَابِ كَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى ذِكْرِ الْقُبْلَةِ: دَوَاعِي الْجِمَاعِ بِأَسْرِهَا أَيْضًا. وَلِهَذَا قَاسُوهُ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَقَالُوا: عِبَادَةٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ فَمَنَعَتْ دَوَاعِيَهُ. قَالَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ: وَاللَّمْسُ، وَتَكْرَارُ النَّظَرِ كَالْقُبْلَةِ. لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهَا، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْقُبْلَةِ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِي تَكْرَارِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ فِي الْجِمَاعِ، فَإِنْ أَنْزَلَ أَثِمَ وَأَفْطَرَ، وَالتَّلَذُّذُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ، وَالْمُعَانَقَةِ وَالتَّقْبِيلِ سَوَاءٌ. هَذَا كَلَامُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ شُتِمَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ: إنِّي صَائِمٌ) . يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَعَ نَفْسِهِ، يَزْجُرُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، وَلَا يَطَّلِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُوَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنْ يَقُولَهُ جَهْرًا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لِلْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنْ يَقُولَهُ: جَهْرًا فِي رَمَضَانَ، وَسِرًّا فِي غَيْرِهِ زَاجِرًا لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ؛ وَذَلِكَ لِلْأَمْنِ مِنْ الرِّيَاءِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ.

تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ) إجْمَاعًا. يَعْنِي إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015