قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِيهِ صِلَةُ الرَّحِمِ بِالْقَرْضِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَظُنُّ وَفَاءً. وَقَالَ أَيْضًا: وَيَتَوَجَّهُ فِي الْأَظْهَرِ أَنَّ أَخْذَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ أَخْذَهَا سِرًّا أَوْلَى. قَالَ: وَفِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، أَظُنُّ عُلَمَاءَ الصُّوفِيَّةِ.
الثَّانِيَةُ: تَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْغَنِيِّ وَغَيْرِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا
الثَّالِثَةُ: يُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ، فَلَا يَأْخُذُ الْغَنِيُّ صَدَقَةً، وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا مُظْهِرًا لِلْفَاقَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ
الرَّابِعَةُ: يَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَبِيرَةٌ عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ: الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ، وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ، وَلِلْأَصْحَابِ خِلَافٌ فِيهِ، وَفِيهِ بُطْلَانُ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِحْبَاطَ، لِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ الْمَنُّ، إلَّا عِنْدَ مَنْ كَفَرَ إحْسَانَهُ وَأَسَاءَ إلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يُعَدِّدَ إحْسَانَهُ.
الْخَامِسَةُ: مَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ وَلَا يَجِبُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ أَنْ يُمْضِيَ، وَعَنْهُ يُمْضِيهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا أَعْلَمُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَجْهًا. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، كَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ يَتَعَيَّنَانِ بِالْقَوْلِ، وَفِي تَعْيِينِهِمَا بِالنِّيَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ مَتَى يَمْلِكُ الصَّدَقَةَ؟ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فَلْيُعَاوَدْ.