الْحَوَالَةَ وَفَاءٌ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي انْتِقَالِ الْحَقِّ بِالْحَوَالَةِ: أَنَّ الْحَوَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ، وَإِلَّا كَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَذَكَرَ أَيْضًا إذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فَأَحَالَهُ بِهِ، فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ: أَنَّهُ كَالنَّاسِي، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِ الْغَارِمِ فِي فَصْلِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ إذَا أَحَالَهُ بِدَيْنِهِ: هَلْ يَكُونُ قَبْضًا؟ . عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُسْلِمٍ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ".
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى كَافِرٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُؤَلَّفُ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا الْعَامِلُ: فَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ مِنْ شَرْطِهِ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَكَلَامُهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ هُنَاكَ، وَأَمَّا الْغَارِمُ لِذَاتِ الْبَيْنِ، وَالْغَازِي: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمَا إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِالْجَوَازِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِمَا سَبَقَ فَلَهُ أَخْذُهَا لِغَزْوٍ وَتَأْلِيفٍ وَعِمَالَةٍ وَغُرْمٍ لِذَاتِ الْبَيْنِ، وَهَدِيَّةٍ مِمَّنْ أَخَذَهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ إلَى غَارِمٍ لِنَفْسِهِ كَافِرٍ، فَظَاهِرُهُ: يَجُوزُ لِذَاتِ الْبَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمَنْعَ فِي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ قَوْلُهُ (وَلَا إلَى عَبْدٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِهِ عَامِلًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا: وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ غَازِيًا أَوْ عَامِلًا أَوْ مُؤَلَّفًا أَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى عَبْدٍ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهُ فَقِيرًا.