يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ وَالْأَحْوَجِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحْوَجَ أُعْطِيَ الْكُلَّ، وَلَمْ يُحَابِ بِهَا قَرِيبَهُ، وَالْجَارُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْ الْجَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ وَالدَّيِّنُ عَلَى ضِدِّهِمَا، وَإِذَا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاتَهُ إلَى الْعَامِلِ، وَأَحْضَرَ مِنْ أَهْلِهِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لِيَدْفَعَ إلَيْهِمْ زَكَاتَهُ: دَفَعَهَا إلَيْهِمْ قَبْلَ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَإِنْ خَلَطَهَا بِغَيْرِهَا: فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا هُمْ بِهِ أَخَصُّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ وَإِلَى غَرِيمِهِ) يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحُوهُ. قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا أَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالتَّخْرِيجِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَقْيَسُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَيَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى غَرِيمِهِ. لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ حِيلَةٍ، سَوَاءٌ دَفَعَهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَ الْمُقْرَضِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةً. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ أَيْضًا: إذَا كَانَ حِيلَةً فَلَا يُعْجِبُنِي، وَقَالَ أَيْضًا: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ حِيلَةً، فَلَا أَرَاهُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَرَادَ حِيلَةً لَمْ يَصْلُحْ، وَلَا يَجُوزُ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَعْنِي بِالْحِيلَةِ: أَنْ يُعْطِيَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالدَّفْعِ إحْيَاءَ مَالِهِ أَوْ اسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا لِلَّهِ فَلَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْعِهِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: إنْ قَضَاهُ بِلَا شَرْطٍ: صَحَّ، كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِشَيْءٍ. ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ زَكَاةً