وَتَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ الْمُكَاتَبِ إذَا عَتَقَ تَبَرُّعًا مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَجَزَ أَوْ مَاتَ، وَبِيَدِهِ وَفَاءٌ.
فَائِدَةٌ: لَوْ اسْتَدَانَ مَا عَتَقَ بِهِ وَبِيَدِهِ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرُ الدَّيْنِ فَلَهُ صَرْفُهُ. لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا الْغَازِي إذَا فَضَلَ مَعَهُ فَضْلٌ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي أَيْضًا، وَالْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَابْنِ مُنَجَّى، فِي شَرْحِهِ وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ لِلْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ [وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ] ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرُدُّهُ. جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ، قَالَ الْخِرَقِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ: لَا يُسْتَرَدُّ. انْتَهَى، وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ الَّذِي فِي الْجِهَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّكَاةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ أَيْضًا فِي الْقَوَاعِدِ: إذَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَحُجَّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ وَفَضَلَ مِنْهُ فَضْلَةٌ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ كَالْوَصِيَّةِ وَأَوْلَى. وَقِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الْغَازِي: إنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: أَنَّ الدَّابَّةَ لَا تُسْتَرَدُّ، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي النَّفَقَةِ، وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ إذَا فَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ، فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ يَرُدُّ الْفَاضِلَ بَعْدَ وُصُولِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَعَنْهُ لَا يَرُدُّهُ، بَلْ هُوَ لَهُ، فَيَكُونُ أَخْذُهُ مُسْتَقِرًّا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَعَ جَهْلِ أَرْبَابِهِ.