وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. قُلْت: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَقَالَ: هَذَا الْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى الْخِلَافِ فِي إجْبَارِهِ عَلَى التَّكَسُّبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ. انْتَهَى، قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: الْإِجْبَارُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجْرِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ غَرِمَ لِضَمَانٍ، أَوْ كَفَالَةٍ، فَهُوَ كَمَنْ غَرِمَ لِنَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَنْ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَيَأْخُذُ مَعَ غِنَاهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْأَصِيلُ مُعْسِرًا. ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَائِدَةٌ: إذَا قُلْنَا: الْغَنِيُّ مَنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَمَلَّكَهَا: لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْذِ بِالْغُرْمِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: يَمْنَعُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: مَنْ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أُعْطِيَ خَمْسِينَ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ تُرِكَ لَهُ مِمَّا مَعَهُ خَمْسُونَ، وَأُعْطِيَ تَمَامَ دَيْنِهِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَصْرِفَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ، فَيُعْطَى وَلَا يُزَادُ عَلَى خَمْسِينَ، فَإِذَا صَرَفَهَا فِي دَيْنِهِ أُعْطِيَ مِثْلَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْغَارِمِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَالْغَازِي، وَابْنِ السَّبِيلِ شَيْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ: لَزِمَهُمْ رَدُّهُ) . إذَا فَضَلَ مَعَ الْغَازِي شَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ: لَزِمَ رَدُّهُ. بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. لَكِنْ لَوْ أُبْرِئَ الْغَرِيمُ مِمَّا عَلَيْهِ، أَوْ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَرُدُّ مَا مَعَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اسْتَرَدَّ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. قَالَ