. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيل رِوايةً، أنَّها لا تَرْجِعُ بما ضُمِّنَتْه بحالٍ. ثم اخْتلَفَ الأصحابُ في مَحَلِّ الرِّوايتَين، في الرُّجوعِ بما انْتفَعَتْ به على طُرُقٍ ثَلاثةٍ؛ إحْداهُنَّ، أنَّ مَحَلَّهما إذا لم يقُلِ الغاصِبُ: هذا مِلْكِي. أو ما يدُلُّ عليه، فإنْ قال ذلك، فالقَرارُ عليه، بغيرِ خِلافٍ. وهي طَرِيقةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي».

والطَّريقةُ الثَّانيةُ؛ إنْ ضمَّنَ المالِكُ القابِضَ ابْتِداءً، ففي رُجوعِه على الغاصِبِ الرِّوايتَان مُطْلَقًا. وإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ ابْتِداءً، فإنْ كان القابِضُ قد أقَرَّ له بالمِلْكِيَّةِ، لم يَرْجِعْ على القابضِ. رِوايَةً واحدَةً، وهي طريقةُ القاضي. والطَّريقةُ الثَّالثةُ، الخِلافُ في الكُلِّ مِن غيرِ تَفْصِيلٍ. وهي طريقةُ أبِي الخَطَّابِ وغيرِه. اليَدُ العاشِرَةُ، يدٌ مُتْلِفة للمالِ نِيابَةً عنِ الغاصِبِ؛ كالذَّابِحِ للحَيوانِ، والطَّابِخِ له، فلا قَرارَ عليها بحالٍ، وإنَّما القَرارُ علي الغاصِبِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والأصْحابُ. قال ابنُ رَجَبٍ: ويَتَخرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بالقَرارِ عليها فيما أتْلَفَتْه، كالمُوْدَعِ، إذا تَلِفَتْ تحتَ يدِه، وأوْلَى؛ لمُباشَرتِها للإتلافِ. قال: ويتَخَرَّجُ وجْهٌ آخَرُ، لا ضَمانَ عليها بحالٍ مِن نصِّ أحمدَ، في مَن حفَر لرَجُل بِئْرًا في غيرِ مِلْكِه، فوقَعَ فيها إنْسان، فقال الحافِرُ: ظَنَنْتُ أنَّها في مِلْكِه. فلا شيءَ عليه. وبذلك جزَم القاضي، وابنُ عَقِيل، في كتابِ الجِناياتِ. وأمَّا إذا أتْلَفَتْه على وَجْهٍ مُحَرَّم شَرْعًا، عالِمةً بتَحْريمِه؛ كالقاتِلَةِ للعَبْدِ المَغْصُوبِ، والمُحْرِقَةِ للمال بإذْنِ الغاصِبِ فيهما، ففي «التَّلْخيصِ»، يَسْتَقِرُّ عليها الضَّمانُ؛ لأنَّها عالِمَةٌ بالتَّحْريمِ، فهي كالعالِمةِ بأنه مال الغيرِ، ورَجَّح الحارِثِي دُخولها في قِسْم المَغْرورِ. انتهى كلامُ ابنِ رَجَبٍ في «القواعدِ» مُلَخَّصًا , ولقد أجادَ، فرَحِمَه الله تَعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015