. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بلَفْظٍ يُغايِرُ مدْلُولَ كلامِ مَنْ أخذَ منه، [فيُظَنُّ أنَّه لم يأْخذْ منه، فيُحْمَلُ كلامُه على غيرِ مَحْمَلِ كلامِ مَنْ أخَذَ منه] (?)، فيُجْعَلُ الخِلافُ فيما لا خِلافَ فيه، أو الوِفَاقُ فيما فيه خِلافٌ. وقد يَقْصِدُ أحدُهم حِكايةَ معْنَى ألْفاظِ الغيرِ، ورُبَّما كانُوا ممَّنْ لا يرَى جَوازَ نَقْلِ المَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وقد يكونُ فاعِلُ ذلك ممَّنْ يُعَلِّلُ المَنْعَ فى صُورَةِ الفَرْضِ، بمَا يُفْضِى إليه مِنَ التَّحْريفِ غالِبًا، وهذا المَعْنَى موْجودٌ فى ألْفاظِ أكثرِ الأئمَّةِ. فمَنْ عَرَفَ حقيقَةَ هذه الأسْبابِ، رُبَّما رأى ترْكَ التَّصْنِيفِ أوْلَى إنْ لم يَحْتَرِزْ عنها؛ لِمَا يَلْزَمُ مِن هذه المَحاذِيرِ وغيرِها غالبًا، فإنْ قيل: يَرُدُّ هذا فِعْلُ القُدَماءِ وإلى الآنَ مِن غيرِ نَكِيرٍ، وهو دليلٌ على الجوازِ، وإلَّا امْتَنَعَ على الأئمَّةِ ترْكُ الإنْكارِ إذَنْ؛ لقوْلِه تعالَى: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (?). ونحوِها مِن نُصوصِ (?) الكِتابِ والسُّنَّةِ. قلتُ: الأوَّلُونَ لم يَفْعَلُوا شيئًا ممَّا عنَيْناه (?)؛ فإنَّ الصَّحابةَ لم يُنْقَلْ عن أحدٍ منهم تألِيفٌ، فضْلًا عن أَنْ يكونَ على هذه الصِّفَةِ، وفِعْلُهم غيرُ مُلْزِم لمَنْ لا يَعْتَقِدُه حُجَّةً، بل لا يكونُ مُلْزِمًا لبَعضِ العَوامِّ عندَ مَنْ لا يَرَى أنَّ العامِّىَّ ملْزومٌ بالْتِزامِه مذهبَ إمام مُعَيَّن. فإنْ قيل: إنَّما فَعَلُوا ذلك ليَحْفَظُوا الشَّرِيعَةَ مِنَ الإغْفالِ والإهْمالِ. قُلْنا: قد كان أحْسَنُ مِن هذا -فى حِفْظِها- أَنْ يُدَوِّنُوا الوَقائِعَ والألْفاظَ النَّبَوِيَّةَ، وفَتاوَى الصَّحابَةِ، ومَنْ بعدَهم على جِهاتِها وصِفاتِها، مع ذِكْرِ أسْبابِها، كما ذكَرْنا سابقًا، حتى يَسْهُلَ على المُجْتَهِدِ