. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سَبَق. ومع هذا كلِّه، فإنَّه يحْتاجُ إلى اسْتِحْضارِ ما اطَّلَعَ عليه مِن نُصوصِ إمامِه عندَ حِكايةِ بعضِها مذهبًا له، ثم لا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ إمامُه (?) يعْتَقِدُ وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ فى ذلك، أَوْ لا؛ فإنِ اعْتقَدَه، وَجَبَ عليه تجْديدُه فى كلِّ حينٍ أرادَ حِكايةَ مذهبِه. وهذا يتَعذَّرُ فى مَقْدِرَةِ البَشَرِ إنْ شاءَ اللَّهُ؛ لأَنَّ ذلك يسْتَدْعِى الإِحاطةَ بما نُقِلَ عنِ الإِمامِ فى تلك المسْألَةِ على جِهَتِه فى كلِّ وقتٍ يُسْأَلُ. ومَنْ لم يُصَنِّفْ كُتُبًا فى المذهبِ، بل أخذَ أكْثَرَ مذهبِه مِن قوْلِه وفَتاوِيه، كيف يُمْكِنُ حَصْرُ ذلك عنه؟ هذا بعيدٌ عادةً. وإنْ لم يَكُنْ مذهبُ إمامِه وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ عندَ نِسْبَةِ بعضِها إليه مذهبًا له، يُنْظَرُ؛ فإنْ قيل: رُبَّما لا يكونُ مذهبُ أحدٍ القَوْلَ بشئٍ مِن ذلك، فضْلًا عنِ الإِمامِ قُلْنا: نحنُ لم نَجْزِمْ بحُكْمٍ فيها، بل ردَدْناه، وقُلْنا: إنْ كان كذا، [لَزِمَ منه كذا] (?)، ويكْفِى فى إيقافِ أقْدامِ هؤلاءِ تكْلِيفُهم نقْلَ هذه الأشْياءِ عن الإِمامِ، ومع ذلك فكثيرٌ مِن هذه الأقسامِ قد ذَهَبَ إليه كثيرٌ مِن الأئمَّةِ، وليسَ هذا مَوْضِعَ بَيانِه، وإنَّما يُقابِلُونَ هذا التَّحْقيقَ بكثْرَةِ نَقْلِ الرِّواياتِ، والأوْجُهِ، والاحْتِمالاتِ، والتَّهَجُّمِ على التَّخْريجِ والتَّفْريعِ، حتى لقد صارَ هذا عندَهم (?) عادةً وفضِيلَةً، فَمَنْ لم يأْتِ بذلك، لم يكُنْ عندَهم بمَنْزِلَةٍ، فالْتَزَمُوا -للحَمِيَّةِ- نَقْلَ ما لا يجوزُ نقْلُه؛ لِمَا عَلِمْتَه آنِفًا. ثم لقد عَمَّ أكْثرَهم، بل كلَّهم، نقْلُ أقاوِيلَ يجبُ الإِعْراضُ عنها فى نظَرِهم؛ بِناءً على كوْنِه قوْلًا ثالثًا، وهو باطِلٌ عندَهم، أو لأنَّها مُرْسَلَةٌ فى سَنَدِها عن قائِلِها، وخرَّجُوا ما