. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

على أقْوالِه، كما يَتَمَكَّنُ المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ مِن التَّفْريعِ على كلِّ ما انْعَقَدَ عليه الإجْماعُ ودَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ والاسْتِنْباطُ. [وليس] (?) مِن شَرْطِ المُجْتَهِدِ أَنْ يُفْتِىَ فى كلِّ مَسْأَلةٍ، بل يجبُ أَنْ يكونَ على بَصِيرَةٍ فيما يُفْتى به، بحيثُ يَحْكُمُ فيما يدْرى، ويدْرِى أنَّه يدْرِى، بل يَجْتَهِدُ المُجْتَهِدُ فى القِبْلَةِ، ويَجْتَهِدُ العامِّىُّ فى مَن يُقَلِّدُه ويتَّبِعُه. فهذه صِفَةُ المُجْتَهِدِينَ أرْبابِ الأوْجُهِ والتَّخارِيجِ والطُّرُقِ. وقد تقدَّم صِفَةُ تَخْريجِ هذا المُجْتَهِدِ، وأنَّه تارَةً يكونُ مِن نصِّه، وتارَةً يكونُ مِن غيرِه، قبلَ أقْسامِ المُجْتَهِدِ، مُحَرَّرًا.

الحالَةُ الثَّالثةُ، أَنْ لا يَبْلُغَ به رُتْبَةَ أئمَّةِ المذهبِ أصحاب الوُجوهِ والطُّرُقِ، غيرَ أنَّه فَقِيهُ النَّفْسِ، حافِظٌ لمذهبِ إمامِه، عارِفٌ بأدِلَّتِه، قائمٌ بتَقْريرِه (?)، ونُصْرَتِه، يُصَوِّرُ، ويُحَرِّرُ، ويُمَهِّدُ، ويُقَوِّى (?)، ويُزَيِّفُ، ويُرَجِّحُ، لكنَّه قَصَّر عن دَرَجَةِ أُولئك؛ إمَّا لكَوْنِه لم يَبْلُغْ فى حِفْظِ المذْهبِ مَبْلَغهم، وإمَّا لكَوْنِه غيرَ مُتَبَحِّرٍ فى أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه -على أنَّه لا يخْلُو مِثْلُه، فى ضِمْنِ ما يحْفَظُه مِن الفِقْهِ ويعْرِفُه مِن أدِلَّتِه، عن أطْرافٍ مِن قَواعِدِ أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه- وإمَّا لكَوْنِه مُقَصِّرًا فى غيرِ ذلك مِنَ العُلومِ التى هى أدَواتُ الاجْتِهادِ الحاصِلِ لأصحابِ الوُجوهِ والطُّرُقِ، وهذه صِفَةُ كثيرٍ مِن المُتَأَخِّرينَ الذينَ رَتَّبُوا المذاهِبَ، وحرَّرُوها، وصنَّفُوا فيها تَصانِيفَ، بها يَشْتَغِلُ النَّاسُ اليومَ غالبًا، ولم يَلْحَقُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015