وكقول الآخر:

[38]

وأيُّ أمر سيِّئٍ لا فَعَلَهْ

أي: لم يفعله، فكذلك ههنا قوله "لولا حددت" أي لو لم أحدّ؛ فدلّ على أن "لولا" هذه ليست لولا التي وقع فيها الخلاف، فدل على أنها مختصة بالأسماء دون الأفعال، فوجب أن تكون عاملة على ما بيّنا.

وأما قولهم"لو كانت لولا هي العاملة لأن التقدير لو لم يمنعني زيد لكان فيها معنى الجَحْدِ، فكان ينبغي أن يعطف عليها بولا: لأن الجحد يعطف عليه بولا إلى آخر ما قرروه "قلنا: إنما لم يجز ذلك لأن "لولا" مركبة من لو ولا، فلما ركبتا خرجت لو من حدها ولا من الجحد؛ إذ ركبتا فصُيِّرتا حرفًا واحدًا؛ فإن الحروف إذا ركب بعضها مع بعض تغيَّر حكمها الأول، وحدث لها بالتركيب حكم آخر، كما قلنا في "لولا" بمعنى التحضيض، ولو ما وألَّا وما أشبهه، وكذلك ههنا؛ فلهذا لم يجز العطف عليها بولا، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015