أي: ما قتلت إلا مسلمًا، وهو في كلامهم أكثر من أن يحصى.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها مخففة من الثقيلة لأنا وجدنا لها في كلام العرب نظيرًا، وأنا أجمعنا على أنه يجوز تخفيف "إنَّ" وإن اختلفنا في بطلان عملها مع التخفيف، وقلنا: إن اللام لام التأكيد؛ لأن لها أيضًا نظيرا في كلام العرب، وكون اللام للتأكيد في كلامهم مما لا ينكر لكثرته فحكمنا على اللام بما لا نظير في كلامهم، فأما كون اللام بمعنى "إلا" فهو شيء ليس له نظير في كلامهم، والمصير إلى ما له نظير في كلامهم أولى من المصير إلى ما ليس له نظير.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما احتجاجهم بالآيات وما أنشدوه على أن "إنْ" بمعنى "ما" واللام بمعنى "إلا" فلا حجة لهم في شيء من ذلك؛ لأنه كله محمول على ما ذهبنا [إليه] من أن "إنْ" مخففة من الثقيلة، واللام لام التأكيد، والذي يدل على ذلك أنَّ "إنْ" التي بمعنى ما لا تجيء اللام معها، كما قال الله تعالى: {إِنِ الكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك: 20] وكما قال الله تعالى: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} [ي-س: 15] وكما قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} [الفرقان: 4] إلى غير ذلك من المواضع، ولم تجئ مع شيء منها اللام.

فأما قولهم: "إن اللام في {لَيَسْتَفِزُّونَكَ} و {لَيُزْلِقُونَكَ} و {لَيَقُولَنَّ} و {لَمَفْعُولًا} إلى غير ذلك من المواضع بمنزلة إلا في هذه المواضع" قلنا: هذا فاسد؛ لأنه لو جاز أن يقال "إن اللام تستعمل بمعنى إلا" لكان ينبغي أن يجوز "جاءني القوم لَزَيْدًا" بمعنى إلا زيدًا، فلما لم يجز ذلك دلَّ على فساد ما ذهبتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015