ذهب الكوفيون إلى أن "إن" إذا وقعت بعد "ما" نحو "ما إنْ زيد قائم" فإنها بمعنى ما. وذهب البصريون إلى أنها زائدة.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن "إن" تكون بمعنى "ما" وقد جاء ذلك كثيرًا في كتاب الله وكلام العرب، قال الله تعالى: {إِنِ الكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك: 20] أي: ما الكافرون إلا في غرور، وقال تعالى: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} [يس: 15] أي: ما أنتم، وقال تعالى: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: 10] أي: ما أنتم، وقال تعالى: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [إبراهيم: 11] أي: ما نحن، وقال تعالى: {بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ، إِنْ، كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 93] أي: ما كنتم مؤمنين، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: 81] أي: ما كان للرحمن ولد، إلى غير ذلك؛ فإذا ثبت أنها تكون بمعنى "ما" جاز أن يجمع بينها وبين "ما" لتأكيد النفي، كالجمع بين إنَّ واللام لتوكيد الإثبات.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها ههنا زائدة أن دخولها كخروجها؛ فإنه لا فرق في المعنى بين قول القول القائل "ما إنْ زيدٌ قائم" وبين "ما زيد قائمًا" فلما كان خروجها كدخولها تنزلت منزلة "من" بعد النفي، كما قال تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [لأعراف: 59] أي ما لكم إله غيره، وكما قال الشاعر:
[159]
.... وما بالرَّبْعِ من أحد
أي أحد، وأشبهت "ما" إذا وقعت زائدة، قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159]