فنصب "أفعله" لأن التقدير فيه: أن أفعله؛ فدلّ على أنها تعمل مع الحذف، وهذا على أصلكم ألزم؛ لأنكم تزعمون أنها تعمل مع الحذف بعد الفاء في جواب الأمر والنهي والنفي [والاستفهام] والتمني والعرض، وكذلك بعد الواو واللام وأو وحتى فكذلك ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها لا يجوز إعمالها مع الحذف أنها حرف نصب من عوامل الأفعال، وعوامل الأفعال ضعيفة؛ فينبغي أن لا تعمل مع الحذف من غير بدل.

والذي يدل على ذلك أنَّ "أنَّ" المشددة التي تنصب الأسماء لا تعمل مع الحذف، وإذا كانت "أَنَّ" المشددة لا تعمل مع الحذف فأنِ الخفيفة أولى أن لا تعمل، وذلك لوجهين.

أحدهما: أن "أن" المشددة من عوامل الأسماء، و"أن" الخفيفة من عوامل الأفعال، وعومل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال، وإذا كانت أن المشددة لا تعمل مع الحذف وهي الأقوى فأن لا تعمل "أن" الخفيفة مع الحذف وهي الأضعف كان ذلك من طريق الأولى.

والثاني: أن "أن" الخفيفة إنما عملت النصب لأنها أشبهت "أنّ" المشددة، وإذا كان الأصل المشبه به لا ينصب مع الحذف، فالفرع المشبه أولى أن لا ينصب مع الحذف؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون الفرع أقوى من الأصل وذلك لا يجوز.

والذي يدل على ضعف عمل "أن" الخفيفة أنه من العرب من لا يعملها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015