قالوا: ولا يجوز أن يقال "إنَّ نَزَالِ مبنيّ لأنه قام مقام فعل الأمر، فلو لم يكن فعل الأمر مبنيًّا وإلا لما بني ما قام مقامه" لأنا نقول: إنما بني نزال لتضمنه معنى لام الأمر، ألا ترى أن نزال اسم انْزِلْ، وأصله لتنزل، فلما تضمن معنى اللام كتضمن أين معنى حرف الاستفهام، وكما أن أين بنيت لتضمنها معنى حرف الاستفهام؛ فكذلك بنيت نزال لتضمنها معنى اللام.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه مبني على السكون لأن الأصل في الأفعال أن تكون مبنية، والأصل في البناء أن يكون على السكون، وإنما أعرب ما أعرب من الأفعال أو بني منها على فتحة لمشابهة ما بالأسماء، ولا مشابهة بوجه ما بين فعل الأمر والأسماء؛ فكان باقيًا على أصله في البناء.
ومنهم من تمسك بأن قال: الدليل على أنه مبني أنا أجمعنا على أن ما كان على وزن فَعَالِ من أسماء الأفعال -كنزال، وتراك، ومناع، ونعاء، وحذار، ونظار- مبني؛ لأنه ناب عن فعل الأمر فنزال ناب عن انزل، وتراك ناب عن اترك، ومناع ناب عن امنع، ونعاء ناب عن انع، وحذار ناب عن احذر، ونظار ناب عن انظر، قال زهير:
[354]
ولأنت أشجع من أسامة إذ ... دُعِيَتْ نَزَالِ وَلَجَّ في الذُّعْر