أراد "الذي تُرْضَى" وقال الآخر:

[345]

بل القوم الرسول الله فيهم ... هم أهل الحكومة من قُصِيِّ

وقال الآخر:

[91]

يقول الخَنَا وأبغض العُجْمِ نَاطِقًا ... إلى ربنا صوت الحمار اليجدع

ويستخرج اليربوع من نَافِقَائِهِ ... ومن جُحره بالشّيحة اليَتَقَصَّعُ

أراد "الذي يُجَدَّعُ، والذي يَتَقَصَّعُ" فكذلك ههنا في الآن، وبقي الفعل على فتحته، كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه نَهَى عن قيل وقال" وهما فعلان ماضيان، فأدخل عليهما حرف الخفض وبَقَّاهما على فتحهما، وكذلك قولهم "من شَبّ إلى دَبَّ" بالفتح؛ يريديون من أن كان صغيرًا إلى أن دَبَّ كبيرًا، فَبَقُّوا الفتح فيهما، فكذلك ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن سبيل الألف واللام أن يدخلا لتعريف الجنس، كقوله تعالى: {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2] وكقولهم "الرجل خير من المرأة" وكقولهم "أهلك الناس الدينار والدرهم" أو لتعريف العهد، كقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 15، 16] أو يدخلا على شيء قد غلب عليه نعته فعرف به، كقولك: الحارث، والعباس، والسِّمَاك، والدَّبَرَان؛ فلما دخلا ههنا على غير ما ذكر ودخلت على معنى الإشارة إلى الوقت الحاضر صار معنى قولك "الآن" كقولك: هذا الوقت، فشابه اسم الإشارة، واسم الإشارة مبنيّ؛ فكذلك ما أشبهه، وكان الأصلُ فيه أن يبنى على السكون إلا أنه بني على حركة لالتقاء الساكنين، وكانت الفتحة أولى لوجهين:

أحدهما: أنها أَخَفُّ الحركات وأشكلها بالألف والفتحة التي قبلها فأتبعوها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015