وإن لم يكن هناك شك ولا شبهة، وإذا كانوا يخرجون الكلام مُخْرَجَ الشك وإن لم يكن هناك شك لم تخرج "أو" عن أصلها.

وأما قول الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24] فلا حجة لهم فيه؛ لأن "أو" فيها للإباحة، أي: قد أبحتُكَ كُلَّ وَاحِدٍ منهما كيف شئت، كما تقول في الأمر "جالس الحسن أو ابن سيرين" أي: قد أبحتك مجالسة كل واحد منهما كيف شئت، والمنع بمنزلة الإباحة، فكما أنه لا يمتنع من شيء أبحته له، فكذلك لا يُقْدِم على شيء نهيته عنه، وأما قول الآخر:

[302]

... أو نِصْفُهُ فَقَدِ

فنقول: الرواية "ونصفه فقد" بالواو؛ فلا يكون لكم فيه شاهد، ولو سلمنا أن الرواية على ما رويتموه فنقول: "أو" فيه باقية على أصلها، وهو أن يكون التقدير فيه: ليتما هذا الحمام أو هو ونصفه، فحذف المعطوف عليه وحرف العطف، كقوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] أي: فضرب فانفجرت، وعلى هذا التقدير قول الشاعر:

[305]

ألا فَالبَثَا شَهْرَيْنِ أَوْ نِصْفَ ثَالِثِ

أي: شهرين أو شهرين ونصف ثالث، ألا ترى أنك لا تقول مبتدئا "لبثت نصف ثالث" وإذا وجب أن يكون المعطوف عليه محذوفًا كانت باقية على أصلها، فدلَّ على صحة ما ذهبنا إليه، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015