وأما قوله: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [الحجر: 20] فلا حجة لكم فيه؛ لأن "مَنْ" في موضع نصب بالعطف على "مَعَايِشَ" أي: جعلنا لكم فيها المعايش والعبيد والإماء.

وأما قول الشاعر:

[292]

فاذهب فما بك والأيام من عجب

فلا حجة فيه أيضًا؛ لأنه مجرور على القسم، لا بالعطف على الكاف في "بك".

وأما قول الآخر:

[181]

أَفِيهَا كَانَ حَتْفِي أَمْ سِوَاهَا

فلا حجة فيه أيضا؛ لأن "سواها" في موضع نصب على الظرف، وليس مجرورًا على العطف؛ لأنها لا تقع إلا منصوبة على الظرف، وقد ذكرنا ذلك في موضعه.

وأما قول الآخر:

[293]

وما بينها والكعبِ غُوطٌ نَفَانِفُ

فلا حجة فيه أيضًا؛ لأنه ليس مجرورًا على ما ذكروا، وإنما هو مجرور على تقدير تكرير "بين" مرة أخرى، فكأنه قال: وما بينها وبين الكعب، فحذف الثانية لدلالة الأولى عليها، كما تقول العرب: ما كل بيضاءَ شحمةً، ولا سوداء تمرة، يريدون "ولا كل سوداء" فيحذفون "كل" الثانية لدلالة الأولى عليها، وقال الشاعر:

[298]

أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ... ونارٍ تَوَقَّدُ بالليل نَارَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015