أراد بل رُبَّ جَوْزِ، ولا يقول أحد إن بل تجر. وكذلك تضمر بعد الفاء قال الشاعر:
[240]
فَخُورٍ قد لَهَوْتُ بهنَّ عِينٍ
وليست نائبةً عنها، ولا عوضًا منها.
والذي أعتمد عليه في الدليل على أن هذه الأحرف -التي هي الواو والفاء وبل- ليست نائبة عن رُبَّ ولا عِوَضًا عنها أنه يحسن ظهورها معها، فيقال "ورُبَّ بلد" و "بل ربّ بلد" و "فربّ حُورٍ" ولو كانت عوضًا عنها لما جاز ظهورها معها؛ لأنه لا يجوز أن يجمع بين العوض والمعوض. ألا ترى أن واو القسم لما كانت عوضًا عن الباء لم يجز أن يجمع بينهما؛ فلا يقال "وبالله لأفعلنَّ" وتجعلهما حرفَيْ قسم، وكذلك أيضًا التاء، لما كانت عوضًا من الواو كما كانت الواو عوضًا من الباء لم يجمع بينهما؛ فلا يقال: "وتالله" وتجعلهما حرفي قسم؛ لأنه لا يجوز أن يجمع بين العوض والمعوض، فأما قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57]