تقديره: كما أن الرَّجْمَ فريضةُ الزِّنَاءِ:
وأما قول زهير:
[232]
أَقْوَيْنَ من حِجَج ومن دَهْرِ
فالرواية الصحية "مُذْ حِجَج ومُذْ دَهْرِ" ولئن سلمنا ما رويتموه "من حجج ومن دهر" فالتقدير فيه أيضا: من مَرِّ حِجَج ومن مَرِّ دَهْرِ، كما تقول: مَرّت عليه السنُون، ومَرّت عليه الدهُورُ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كما بيَّنَّا في الآية، وقيل: إنَّ "من" ههنا زائدة، وهو قول أبي الحسن الأخفش؛ فإنه يجوز أن تُزَاد في الإيجاب، كما يجوز أن تُزَاد في النفي، ويحتج بقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4] أي يغفر لكم ذنوبكم، وبقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] أي يغضوا من أبصارهم، ويحتج أيضًا بقول الشاعر:
[210]
ألا حَيِّ نَدْمَانِي عُمَيْرَ بْنَ عامر ... إذا ما تلاقينا من اليوم أو غَدَا
أراد اليوم أو غدًا، فكذلك ههنا: التقدير في قوله "من حجج ومن دهر" أي حججًا ودهرًا، فدلَّ على فساد ما ذهبوا إليه، والله أعلم.