وقوله "والذي يدل على أنه بمنزلة المضاف وإن أفرد حملُكَ نعتَه على النصب نحو يا يزيد الظريفَ كما يحمل نعته على الرفع نحو يا زيد الظريفُ" قلنا: لا نسلِّم أن نصب الوصف لأن المفرد بمنزلَةِ المضاف، وإنما نصبه لأن الموصوف وإن كان مبنيًّا على الضم فهو في موضع نصب لأنه مفعول؛ فَنُصِبَ وصفُه حملًا على الموضع كما رفع حملًا على اللفظ، وحَمْلُ الوصف والعطف على الموضع جائزٌ في كلامهم كما يحمل على اللفظ؛ ولهذا يجوز بالإجماع "ما جاءني من أحد غيرُك" بالرفع، كما يجوز بالجرّ، قال الله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] بالرفع والجر؛ فالرفع على الموضع، والجر على اللفظ.
قال الشاعر:
[145]
حتى تَهَجَّرَ في الرَّوَاحِ وهَاجَهَا ... طَلَبَ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلُومُ
فرفع "المظلوم" وهو صفة للمجرور الذي هو "المعقب" حملًا على الموضع؛ لأنه في موضع رفع بأنه فاعل، إلا أنه لما أضيف المصدر إليه دخله الجرّ للإضافة، وكذلك يجوز أيضًا الحملُ على الموضع في العطف نحو "مَرَرْتُ بزيد وعمرًا" كما يجوز "وعمروٍ" قال الشاعر:
[206]
فلستُ بِذِي نَيْرَبٍ في الصَّدِيقِ ... ومَنَّاعَ خَيْرٍ وسَبَّابَهَا
ولا مَنْ إذا كان في جَانِبٍ ... أَضَاعَ العَشِيرَةَ فَاغْتَابَهَا