فخفض "مُقْرِفٍ" مع الفصل، وقال الآخر:

[187]

كَمْ في بني بكر بن سعد سَيِّدٍ ... ضخمٍ الدَّسِيعَةِ ماجدٍ نَفَّاعِ

وأما القياسُ فلأن خفض الاسم بعد "كم" في الخبر بتقدير "من" لأنك إذا قلت "كم رَجُلٍ أكرمت، وكم امرأة أَهَنْتَ" كان التقدير فيه: كم من رجل أكرمت، وكم من امراة أهنت؛ بدللي أن المعنى يقتضي هذا التقدير، وهذا التقدير مع وجود الفصل بالظرف وحرف الجر كما هو مع عدمه، فكما ينبغي أن يكون الاسم مخفوضًا مع عدم الفصل فكذلك مع وجوده.

قالوا: ولا يجوز أن يقال: "إنها في هذه الحالة بمنزلة عدد ينصب ما بعده كثلاثين ونحوه" لأنا نقول: لو كانت بمنزلة عدد ينصب ما بعده كثلاثين لكان ينبغي أن لا يجوز الفصل بينها وبين معمولها، ألا ترى أنك لو قلت "ثلاثون عندك رجلا" لم يجز، فكذلك كان ينبغي أن يقولوا ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه لا يجوز فيه الجرّ لأن "كم" هي العاملة فيم بعدها الجرَّ، لأنها بمنزلة عدد مضاف إلى ما بعده، وإذا فصل بينهما بظرف أو حرف جرٍّ بطلت الإضافة، لأن الفصل بين الجار والمجرور بالظرف وحرف الجرّ لا يجوز في اختيار الكلام، فعدل إلى النصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015