أبَاكَ، ومررت بأبَاكَ -بالألف في حالة الرفع والنصب والجر- فيجعلونه اسمًا مقصورًا، قال الشاعر:

[5]

إن أَبَاهَا وأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا في المَجْدِ غَايَتَاهَا

ويحكى عن الإمام أبي حنيفة أنه سئل عن إنسان رَمَى إنسانًا بحجر فقتله: هل يجب عليه القَوَدُ؟ فقال: لا، ولو رماه بِأَبَا قُبَيْسٍ -بالألف، على هذه اللغة- لأن أصله أبَوٌ، فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبوها ألفًا بعد إسكانها إضعافًا لها، كما قالوا: عَصًا، وقَفًا، وأصله عَصَو وقَفَوا، فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبوها ألفًا، فكذلك ههنا.

والذي يعتمد عليه في النُّصْرَة أهل الكوفة والبصرة القولان الأولان؛ فهذا منتهى القول في تفصيل المذاهب واللغات؛ فلنبدأ بذكر الحجَجِ والاستدلالات:

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: أجمعنا على أن هذه الحركات -التي هي الضمة والفتحة والكسرة- تكون إعرابًا لهذه الأسماء في حال الإفراد، نحو قولك: هذا أبٌ لك، ورأيت أبًا لك، ومررت بأبٍ لك، وما أشبه ذلك، والأصل فيه أبَوٌ، فاستثقلوا الإعراب على الواو، فأوقَعُوه على الباء وأسقطوا الواو؛ فكانت الضمة علامة للرفع، والفتحة علامة للنصب، والكسرة علامة للجر، فإذا قلت في الإضافة: هذا أبوك، وفي النصب: رأيت أبَاكَ، وفي الجر: مررت بِأَبِيك، والإضافة طارئة على الإفراد كانت الضمة والفتحة والكسرة باقية على ما كانت عليه في حال الإفراد؛ لأن الحركة التي تكون إعرابًا للمفرد في حال الإفراد هي بعينها تكون إعرابًا له في حال الإضافة، ألا ترى أنك تقول: هذا غلام، ورأيت غلامًا، ومررت بغلام، فإذا أضفته قلت: هذا غلامك، ورأيت غلامك، ومررت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015