فقوله "من ماء الحديد" في موضع رفع؛ لأنه صفة أبيض، وتقديره وأبيض كائنٌ من ماء الحديد، ونحوه أيضًا قول الآخر

[93]

لما دعاني السَّمْهَرِيُّ أجبتُهُ ... بأبيض من ماء الحديد صَقيلِ

وأما قولهم "إنما جوَّزنا ذلك لأنهما أصلان للألوان ويجوز أن يثبتَ للأصل ما لا يثبتُ للفرع" قلنا: هذا لا يستقيم، وذلك لأن سائر الألوان إنما لم يجز أن يستعمل منها "ما أفعله، وأفعل منه" لأنها لازمت مَحَالها، فصارت كعضوٍ من الأعضاء، فإذا كان هذا هو العلة فنقول: هذا على أصلكم ألزم، وذلك لأنكم تقولون: إن هذه الألوان ليست بأصل في الوجود، على ما تزعمون، بل هي مركبة من البياض والسواد؛ فإذا لم يجز مما كان متركبًا منها لملازمته المحل فلأن لا يجوز مما كان أصلًا في الوجود وهو ملازم للمحل كان ذلك من طريق الأولى، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015