وبهذا السر عُبِدت الكواكبُ، واتُّخِذت لها الهياكلُ، وصُنعت1 لها الدعواتُ، واتخذت الأصنام المتخذة2 لها وهذا بعينه هو الذي أوجب لعُبَّاد القبور اتخاذها أعياداً، وتعليق الستور عليها وإيقاد السرج عليها، وبناء المساجد عليها، وهذا هو الذي قصد صلى الله عليه وآله وسلم إبطاله بالكلية، وسدَّ الذرائع المفضية إليه، فوقف المشركون في طريقه وناقضوه من قصده، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شقٍّ [618] وهؤلاء في شق، وهذا الذي ذكره هؤلاء في زيارة القبور هي الشفاعة التي ظنوا أنَّ آلهتهم تنفعهم بها وتشفع لهم عند الله [قالوا: فإنَّ العبد إذا تعلقت روحه بروح الوجيه المقرَّب عند الله] 3 وتوجه بهمته إليه وعكف قلبه عليه صار بينهم وبينه اتصال يفيض به عليه [منه] نصيب مما يحصل له من الله وشبهوا ذلك بمن يخدم ذا جاه وحظوةٍ وقرب من السلطان فهو شديد التعلق به فما حصل لذلك من السلطان من الإفضال والإنعام فإنَّه ينال ذلك المتعلق به بحسب تعلقه.

فهذا سر عبادة الأصنام وهو الذي بعث الله رسله وأنزل كتبه بإبطاله وتكفير أصحابه ولعنهم وأباح أموالهم ودماءهم وسبى ذراريهم وأوجب لهم النار، والقرآن من أوله إلى آخره مملؤ من الرد على أهله وإبطال مذهبهم.

قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ الله شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015