الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والمتابعة له صلى الله عليه وآله وسلم فيما فعله واقتداؤه به فيما قاله فهذه الزيارة النبوية بلا زيادة.
وأما طواف الزائر بقبر الميت وتقبيلُه الأركان وسؤالُ الحاجات منه وعنده فهي عبادة المشركين لأصنامهم كما قررناه في تلك الرسالة.
قوله: "وقد اشتهر عند أهل بغداد: إجابة الدعاء عند قبر الشيخ معروف الكرخي"1.
أقول: قال بعض المحققين: إنَّ العبد إذا وقف [613] على قبر من يستعظمه حصل له رقةٌ وخشوعٌ وإقبالُ قلبٍ وإخلاصٌ في الدعاء فقد يجاب فيظن أنَّه ببركة صاحب القبر2، والمعلوم أنَّ صاحب القبر طالبٌ من الزائر أن يدعو له ويستغفر له فهو في برزخٍ قد انقطع عن الأعمال. يفرح بما يهدى إليه من الأحياء، لا أنَّه بصدد قضاء حاجات الأحياء. وعلى الجملة هب أنَّ الدعاء عند قبور الأولياء مندوبٌ كما قال: "ينبغي"، فالندب حكمٌ لا بدَّ له من دليل ثم هذا غيرُ محل السؤال قطعاً3.
قوله: "وقد توسل عمر بالعباس".
أقول: هذا غير محل السؤال فإنَّ عمر إنَّما جعل العباس إماماً يدعو لهم ويستسقي ويسأل الله4؛ لاعتقاد عمر أنَّه مجاب الدعوة لقرابته من