وعظموها عند العوام فتخايل لهم أنَّ فاعل هذا أعلى مرتبة من الشافعي وأحمد.
ولعمري إنَّ هذا من أعظم الذنوب وأقبح العيوب، فإنَّ الله تعالى قال: {وَلاَتَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} 1، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ لنفسك عليك حقاً" 2، "وقد طلب أبو بكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريق الهجرة ظلاً حتى رأى صخرة ففرش له في ظلها"3.
قلت: وفي هذا الحديث أيضاً أنَّه حلب له صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر كُثبة من لبنٍ ثمَّ صبَّ عليها الماء لتبرد، ثم أسقاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكم ينقلون عن ذي النون أنَّه لقي امرأة في السياحة فكلمها وكلمته4، وينسون ما في الأحاديث الصحاح: "لا يحل لامرأة أن تسافر يوماً وليلة إلا بمحرم"5.
وكم ينقلون أنَّ أقواماً مشوا على الماء6 وقد قال إبراهيم الحربي: "لا يصح أنَّ أحداً يمشي على الماء قط". فإذا سمعوا هذا قالوا تنكرون كرامات الأولياء فنقول: لا ننكرها؛ بل نتبع ما صح، والصالحون هم