وَهَذِه الْآيَة أحد مَا تضمنه الْقُرْآن الْعَزِيز من الْأَدِلَّة البرهانية على صِحَة الْبَعْث وَوجه الْبُرْهَان المنفك من هَذِه الأية الَّتِي لَا يقدرها حق قدرهَا الا الْعَالمُونَ وَلَا ينتبه لغامض سرها الا المستبصرون أَن اخْتِلَاف النَّاس فِي الْحق لَا يُوجب احتلاف الْحق فِي نَفسه وانما تحتلف الطّرق الموصلة اليه والقياسات المركبة عَلَيْهِ وَالْحق فِي نَفسه وَاحِد
فَلَمَّا ثَبت أَن هَهُنَا حَقِيقَة مَوْجُودَة لَا محَالة وَكَانَ لَا سَبِيل لنا فِي حياتنا هَذِه الى الْوُقُوف عَلَيْهَا وقوفا يُوجب لنا الائتلاف وَيرْفَع عَنَّا الِاخْتِلَاف اذ كَانَ الِاخْتِلَاف مركوزا 2 ب فِي فطرنا مطبوعا فِي خلقنَا وَكَانَ لَا يُمكن ارتقاعه وزواله الا بارتفاع هَذِه الْخلقَة ونقلنا الى جبلة غير هَذِه الجبلة صَحَّ ضَرُورَة أَن لنا خياة أُخْرَى غير هَذِه الْحَيَاة فِيهَا يرْتَفع الْخلاف والعناد وتزول من صدورنا الضغائن الكامنة والأحقاد وَهَذِه هِيَ الْحَال الَّتِي وعدنا الله تَعَالَى بالمصير اليها فَقَالَ تَعَالَى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين}