وكنحو مَا رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه لما انْصَرف من صفّين قَامَ اليه شيخ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَرَأَيْت مسيرنا الى صفّين أبقضاء وَقدر فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَالله مَا علونا جبلا وَلَا هبطنا وَاديا وَلَا خطونا خطْوَة الا بِقَضَاء وَقدر فَقَالَ الشَّيْخ فَعِنْدَ الله أحتسب عنائي اذن مَا لي من أجر فَقَالَ لَهُ عَليّ رَحمَه الله مَه يَا شيخ فَإِن هَذَا قَول أَوْلِيَاء الشَّيْطَان وخصماء الرَّحْمَن قدرية هَذِه الْأمة ان الله أَمر تخييرا وَنهى تحذيرا لم يعْص مَغْلُوبًا وَلم يطع مكْرها فَضَحِك الشَّيْخ ونهض مَسْرُورا ثمَّ قَالَ
أَنْت الامام الَّذِي نرجو بِطَاعَتِهِ
يَوْم الْقِيَامَة من ذِي الْعَرْش رضوانا ... أوضحت من ديننَا مَا كَانَ ملتبسا
جَزَاك رَبك عَنَّا فِيهِ احسانا
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ نَحْو مقَالَة جَعْفَر
فَلَمَّا وجدوا جَمِيع هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ جمعُوا الْآيَات وَالْأَحَادِيث وبنوا بَعْضهَا على بعض فأنتج لَهُم من مجموعها مقَالَة ثَالِثَة سليمَة من شناعة المقالتين منتظمة لكل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ ارْتَفَعت عَن تَقْصِير الجبرية وانحطت عَن غلو الْقَدَرِيَّة فَوَافَقت قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين الله بَين الغالي والمقصر بنوا تفريعها على أصل وَجُمْلَة الْغَرَض مِنْهُ أَن لله تَعَالَى علم غيب سبق بِكُل مَا هُوَ كَائِن قبل كَونه ثمَّ خلق الْإِنْسَان فَجعل لَهُ عقلا