قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"قِيلَ لَهُ: هَذِهِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنا لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مِمَّنْ نَفَعَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعِلْمِ، وَكَانُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ، سِوَى الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ جُمْلَةٍ مَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ فِي كُلِّ بَلَدٍ " (?)

وفى إضافة الدين إلى المسلمين «دينكم» وهو فى الحقيقة دين الله- إذ يقول سبحانه: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» - فى هذا ما يشعر بأن الأمة التي اختارها الله تعالى لحمل هذا الدين، وتبليغ رسالته، هى أهل لحمل هذه الأمانة العظيمة، كما أنها مستحقة لتكون فى هذا المقام الكريم التي تقوم فيه مقام الأنبياء والمرسلين فى القيام على دين الله .. (?)

اليوم .. الذي نزلت فيه هذه الآية في حجة الوداع .. أكمل الله هذا الدين. فما عادت فيه زيادة لمستزيد. وأتم نعمته الكبرى على المؤمنين بهذا المنهج الكامل الشامل. ورضي لهم «الإسلام» دينا فمن لا يرتضيه منهجا لحياته - إذن - فإنما يرفض ما ارتضاه الله للمؤمنين.

ويقف المؤمن أمام هذه الكلمات الهائلة فلا يكاد ينتهي من استعراض ما تحمله في ثناياها من حقائق كبيرة، وتوجيهات عميقة، ومقتضيات وتكاليف ..

إن المؤمن يقف أولا: أمام إكمال هذا الدين يستعرض موكب الإيمان، وموكب الرسالات، وموكب الرسل، منذ فجر البشرية، ومنذ أول رسول - آدم عليه السلام - إلى هذه الرسالة الأخيرة. رسالة النبي الأمي إلى البشر أجمعين .. فماذا يرى؟ ..

يرى هذا الموكب المتطاول المتواصل. موكب الهدى والنور. ويرى معالم الطريق، على طول الطريق. ولكنه يجد كل رسول - قبل خاتم النبيين - إنما أرسل لقومه. ويرى كل رسالة - قبل الرسالة الأخيرة - إنما جاءت لمرحلة من الزمان .. رسالة خاصة، لمجموعة خاصة، في بيئة خاصة .. ومن ثم كانت كل تلك الرسالات محكومة بظروفها هذه متكيفة بهذه الظروف .. كلها تدعو إلى إله واحد - فهذا هو التوحيد - وكلها تدعو إلى عبودية واحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015