أيضا! لقد كان هذا الرصيد هو رصيد العقيدة والتصور ورصيد البناء الروحي والعقلي والخلقي والاجتماعي الذي أنشأه المنهج الإسلامي في فترة وجيزة. وكان من الضخامة والعمق واللصوق بالفطرة، بحيث أمد اللغة - لغة الإسلام - بسلطان لا يقاوم. كما أمد الجيوش - جيوش الإسلام - بسلطان لا يقاوم كذلك! وبغير هذا التفسير يصعب أن نعلل تلك الظاهرة التاريخية الفريدة. وعلى أية حال فهذا موضوع يطول شرحه. فحسبنا منه هذه اللمحة في سياق الظلال ..

منذ هذا الدرس في هذه السورة تبدأ المعركة مع المعسكرات المعادية المتربصة بالجماعة الإسلامية الناشئة في المدينة .. ففي هذا الدرس تعجيب من حال اليهود وتصرفاتهم في مواجهة الدين الجديد والجماعة التي تمثله.

وفي الدرس الذي يليه بيان لوظيفة الجماعة المسلمة، وطبيعة منهجها، وحد الإسلام، وشرط الإيمان، الذي يتميز به منهجها وحياتها ونظامها .. وفي الدرس الذي يليه دعوة لهذه الجماعة للذود عن منهجها ووضعها ووجودها وكشف للمنافقين المندسين فيها وبيان لطبيعة الموت والحياة وقدر الله الذي يجري بهما وهو جزء من تربية هذه الجماعة، وإعدادها لوظيفتها وللمعركة مع أعدائها .. وفي الدرس الذي يليه مزيد من الحديث عن المنافقين وتحذير للجماعة المسلمة من الانقسام في شأنهم، أو الدفاع عن تصرفاتهم. ثم تفصيل للإجراءات التي تواجه بها الجماعة المسلمة شتى المعسكرات من حولها - أي لقواعد قانون المعاملات الدولية - وفي الدرس الذي يليه نجد نموذجا لرفعة الإسلام في معاملته ليهودي فرد في المجتمع الإسلامي! ..

والدرس الذي يليه جولة مع الشرك والمشركين، وتوهين للأسس التي يقوم عليها المجتمع المشرك في الجزيرة .. ويتوسط هذه المعركة لمحة من التنظيم الداخلي، ترتبط بأوائل السورة في شأن الأسرة .. ثم يجيء الدرس الأخير خاصا بالنفاق والمنافقين يهبط بهم إلى الدرك الأسفل من النار! وهذه الإشارات الخاطفة تبين لنا طبيعة مجالات المعركة وجوانبها المتعددة - في الداخل والخارج .. وطبيعة التوافق والتكامل، بين المعركة الداخلية والمعركة الخارجية في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015