خَالِدِينَ أَبَداً، لاَ يَحُولُونَ عَنْهَا وَلاَ يَزُولُونَ، وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ، مِنَ الحَيْضِ وَالدَّنَسِ وَالأَذَى، وَالأَخْلاَقِ الرَذِيلَةِ، وَالصِّفَاتِ النَّاقِصَة، وَيُدخِلُهُمْ فِي ظِلٍّ وَارِفٍ كَثِيفٍ لاَ حَرَّ فِيهِ وَلاَ قَرَّ. (?)
ابتداء من هذا الدرس في السورة، تبدأ المعركة التي يخوضها القرآن بالجماعة المسلمة، في مواجهة الجاهلية المحيطة بها - واليهود من أهل الكتاب خاصة - تلك المعركة التي شهدنا مواقعها ومجالاتها في سورتي البقرة وآل عمران من قبل .. وهي هي .. والمعسكرات المعادية هي هي كذلك! المعسكرات التي تحدثنا عنها في تقديم سورة البقرة (?)،وفي تقديم سورة آل عمران (?)،وفي تقديم هذه السورة كذلك (?)
ابتداء من هذا الدرس تبدأ المعركة الخارجية. معركة الجماعة المسلمة مع المعسكرات المعادية من حولها ..
ولكن هذا في الحقيقة ليس بدء المعركة. فكل ما سبق في السورة من التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية والعائلية والأخلاقية ومحو الملامح الجاهلية - في المجتمع المسلم الذي التقطه المنهج الرباني من سفح الجاهلية - وتخطيط وتثبيت الملامح الإسلامية الجديدة في هذا المجتمع .. كل ذلك لم يكن بعيدا عن المعركة الخارجية مع أعداء الجماعة المسلمة في المدينة خاصة وفي الجزيرة عامة .. إنما كان التمهيد الحقيقي لها، والاستعداد الحقيقي لمواجهتها .. كانت تلك معركة البناء. بناء هذا المجتمع الجديد، على أسس المنهج الإسلامي الجديد كي يستطيع أن يواجه المجتمعات المعادية من حوله، ويتفوق عليها.
وكما رأينا في سورتي البقرة وآل عمران العناية تتجه أولا إلى بناء هذا المجتمع من داخله. بناء عقيدته وتصوراته، وأخلاقه ومشاعره، وتشريعاته وأوضاعه، إلى جانب تعليم الجماعة المسلمة كل شيء عن طبيعة أعدائها، ووسائلهم، وتحذيرها من كيدهم ومكرهم، وتوجيهها إلى المعركة معهم بقلوب مطمئنة، وعيون مفتوحة، وإرادات