بذلك تكونت للإسلام قاعدة صلبة من أصلب العناصر عودا في المجتمع العربي فأما العناصر التي لم تحتمل هذه الضغوط فقد فتنت عن دينها وارتدت إلى الجاهلية مرة أخرى وكان هذا النوع قليلا، فقد كان الأمر كله معروفا مكشوفا من قبل فلم يكن يقدم ابتداء على الانتقال من الجاهلية إلى الإسلام، وقطع الطريق الشائك الخطر المرهوب إلا العناصر المختارة الممتازة الفريدة التكوين.

وهكذا اختار الله السابقين من المهاجرين من تلك العناصر الفريدة النادرة، ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين في مكة ثم ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين بعد ذلك في المدينة مع السابقين من الأنصار الذين وإن كانوا لم يصطلوها في أول الأمر كما اصطلاها المهاجرون، إلا أن بيعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بيعة العقبة) قد دلت على أن عنصرهم ذو طبيعة أصيلة مكافئة لطبيعة هذا الدين ..

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا وَعَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، فَالْتَقَوْا بِالْعَقَبَةِ فَقَالُوا: سَلْ لِرَبِّكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -:" أَسْأَلُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ " قَالُوا: فَمَاذَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -:" لَكُمُ الْجَنَّةُ " (?)

وعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا جَاءَتِ الْأَنْصَارُ وَعَدَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَقَبَةَ , فَأَتَاهُمْ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ تَكَلَّمُوا وَأَوْجِزُوا فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا " فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَاشْتَرِطْ لِنَفْسِكَ وَاشْتَرِطْ لِأَصْحَابِكَ , فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -:" أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَلِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ , وَلِأَصْحَابِي الْمُسَاوَاةَ فِي ذَاتِ أَيْدِيكُمْ " ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً لَمْ يَخْطُبِ الْمُرْدُ وَلَا الشِّيبُ خُطْبَةً مِثْلَهَا قَالَ: فَمَا لَنَا قَالَ:" الْجَنَّةُ " قَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايِعُكَ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: فَقَالَ يَعْنِي أَبَا أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ , إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ , فَإِمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015