وألفوه من معاهدة المعاهدين وموادعة الموادعين وترك المهادنين .. ولكن الله - سبحانه - كان يريد أمرا أكبر من المألوف وخطوة وراء ما انتهت إليه الأمور! وكان في المجتمع المسلم كذلك - ولعل بعض هؤلاء من كرام المسلمين وخيارهم كذلك - من يرى أنه لم تعد هناك ضرورة لقتال المشركين عامة، ومتابعتهم حتى يفيئوا إلى الإسلام بعد ما ظهر الإسلام في الجزيرة وغلب ولم تبق إلا جيوب متناثرة هنا وهناك لا خوف منها على الإسلام اليوم. ومن المتوقع أن تفيء رويدا رويدا - في ظل السلم - إلى الإسلام .. ولا يخلو هذا الفريق من التحرج من قتال الأقرباء والأصدقاء ومن تربطهم بهم علاقات اجتماعية واقتصادية متنوعة، متى كان هناك أمل في دخولهم في الإسلام بغير هذا الإجراء العنيف .. ولكن الله سبحانه كان يريد أن تقوم آصرة التجمع على العقيدة وحدها، وأن تخلص الجزيرة للإسلام، وأن تصبح كلها قاعدة أمينة له وهو يعلم أن الروم يبيتون للإسلام على مشارف الشام كما سيجيء! وكان في المجتمع المسلم - ولعل بعض هؤلاء كان من كرام المسلمين وخيارهم أيضا! - من يخشى الكساد الذي يتوقعه من تعطل الصلات التجارية والاقتصادية في أنحاء الجزيرة بسبب إعلان القتال العام على المشركين كافة فيها وتأثير ذلك في موسم الحج، وبخاصة بعد إعلان ألا يحج بعد العام مشرك، وألا يعمر المشركون مساجد الله.
وبخاصة حين يضيف إلى هذا الاعتبار عدم ضرورة هذه الخطوة وإمكان الوصول إليها بالطرق السلمية البطيئة! .. (?)
- - - - - - - - - - - -