ناحية القيادة، ومن ناحية الولاء .. الأمر الذي لا بد منه للدعوة الإسلامية في كل مكان وفي كل زمان ..

وعند ما يشعر التجمع الجاهلي - بوصفه كيانا عضويا واحدا متساندا - بالخطر الذي يتهدد قاعدة وجوده من الناحية الاعتقادية كما يتهدد وجوده ذاته بتمثل الاعتقاد الإسلامي في تجمع آخر منفصل عنه ومواجه له .. فعندئذ يسفر التجمع الجاهلي عن حقيقة موقفه تجاه دعوة الإسلام!

إنها المعركة بين وجودين لا يمكن أن يكون بينهما تعايش أو سلام! المعركة بين تجمعين عضويين كل منهما يقوم على قاعدة مناقضة تماما للقاعدة التي يقوم عليها التجمع الآخر. فالتجمع الجاهلي يقوم على قاعدة تعدد الآلهة، أو تعدد الأرباب، ومن ثم يدين فيه العباد للعباد. والتجمع الإسلامي يقوم على قاعدة وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية ومن ثم لا يمكن فيه دينونة العباد للعباد ..

ولما كان التجمع الإسلامي إنما يأكل في كل يوم من جسم التجمع الجاهلي، في أول الأمر وهو في دور التكوين، ثم بعد ذلك لا بد له من مواجهة التجمع الجاهلي لتسلم القيادة منه، وإخراج الناس كافة من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده .. لما كانت هذه كلها حتميات لا بد منها متى سارت الدعوة الإسلامية في طريقها الصحيح، فإن الجاهلية لا تطيق منذ البدء دعوة الإسلام .. ومن هنا ندرك لماذا كانت مواجهة الجاهلية واحدة لدعوة الرسل الكرام! .. إنها مواجهة الدفاع عن النفس في وجه الاحتياج ومواجهة الدفاع عن الحاكمية المغتصبة وهي من خصائص الألوهية التي يغتصبها في الجاهلية العباد! وإذ كان هذا هو شعور الجاهلية بخطر الدعوة الإسلامية عليها، فقد واجهت هذه الدعوة في معركة حياة أو موت، لا هوادة فيها ولا هدنة ولا تعايش ولا سلام! ..

إن الجاهلية لم تخدع نفسها في حقيقة المعركة وكذلك لم يخدع الرسل الكرام - صلوات الله وسلامه عليهم - أنفسهم ولا المؤمنين بهم في حقيقة المعركة .. «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ: لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا» .. فهم لا يقبلون من الرسل والذين آمنوا معهم، أن يتميزوا وينفصلوا بعقيدتهم وبقيادتهم وبتجمعهم الخاص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015