قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)} [النساء:172،173].
لاَ يَسْتَكْبِرُ المَسِيحُ، وَلاَ يَسْتَكْبِرُ المَلاَئِكَةُ المُقَرَّبُونَ، أنْ يَكُونُوا مِنْ عِبَادِ اللهِ، لأنَّهُمْ يَعْرِفُونَ عَظَمَتِهِ وَجَلاَلِهِ، وَالذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَيَرَوْنَ أنَّهُ لاَ يَلِيقُ بِهِمْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ سَيُعَاقِبُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِقَاباً شَدِيداً، وَيَحْشُرُهُمْ جَميعاً فِي جَهَنَّمَ. أمَّا الذِينَ آمَنُوا، وَعَمِلُوا الأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ، فَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ. وَأمَّا الذِينَ اسْتَكْبَرُوا عَنْ طَاعَةِ اللهِ، وَامْتَنَعُوا عَنْ عِبَادَتِهِ، فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، فَهُوَ تَعَالَى يُجَازِي المُحْسِنَ عَلَى إِحْسَانِهِ بِالعَدْلِ وَالفَضْلِ، وَيُجازِي المُسِيءَ عَلَى إِسَاءَتِهِ بِالعَدْلِ. وَلَنْ يَجِدُوا لَهُمْ وَليّاً يَلِي أُمُورَهُمْ وَيُدَبِّرُها، وَلاَ نَاصِراً يَنْصُرُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَبَأسِهِ. (?)
لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة وحدانية الله سبحانه وحدانية لا تتبلس بشبهة شرك أو مشابهة في صورة من الصور وعني بتقرير أن الله - سبحانه - ليس كمثله شيء. فلا يشترك معه شيء في ماهية ولا صفة ولا خاصية. كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين الله - سبحانه -وكل شيء (بما في ذلك كل حي) وهي أنها صلة ألوهية وعبودية. ألوهية الله، وعبودية كل شيء لله .. والمتتبع للقرآن كله يجد العناية فيه بالغة بتقرير هذه الحقائق - أو هذه الحقيقة الواحدة بجوانبها هذه - بحيث لا تدع في النفس ظلا من شك أو شبهة أو غموض.
ولقد عني الإسلام كذلك بأن يقرر أن هذه هي الحقيقة التي جاء بها الرسل أجمعون. فقررها في سيرة كل رسول، وفي دعوة كل رسول وجعلها محور الرسالة من عهد