إليه هو «رب العالمين» .. الذي يحاسب الناس في يوم عظيم .. فلم يكن هنا لك رسول من عند اللّه دعا إلى رب قبيلة، أو رب أمة، أو رب جنس .. كما أنه لم يكن هناك رسول من عند اللّه دعا إلى إلهين اثنين أو آلهة متعددة .. وكذلك لم يكن هناك رسول من عند اللّه دعا إلى عبادة طوطمية، أو نجمية، أو «أرواحية!» أو صنمية! ولم يكن هناك دين من عند اللّه ليس فيه عالم آخر .. كما يزعم من يسمونهم «علماء الأديان» وهم يستعرضون الجاهليات المختلفة، ثم يزعمون أن معتقداتها كانت هي الديانات التي عرفتها البشرية في هذه الأزمان، دون غيرها! لقد جاءت الرسل - رسولا بعد رسول - بالتوحيد الخالص، وبربوبية رب العالمين! وبالحساب في يوم الدين .. ولكن الانحرافات في خط الاعتقاد، مع الجاهليات الطارئة بعد كل رسالة، بفعل العوامل المعقدة المتشابكة في تكوين الإنسان ذاته وفي العوالم التي يتعامل معها .. هذه الانحرافات تمثلت في صور شتى من المعتقدات الجاهلية .. هي هذه التي يدرسها «علماء الأديان!» ثم يزعمون أنها الخط الصاعد في تدرج الديانات وتطورها! وعلى أية حال فهذا هو قول اللّه - سبحانه - وهو أحق أن يتبع، وبخاصة ممن يكتبون عن هذا الموضوع في صدد عرض العقيدة الإسلامية، أو صدد الدفاع عنها! أما الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، فهم وما هم فيه ..
واللّه يقص الحق وهو خير الفاصلين ..
إن كل رسول من الرسل - صلوات اللّه عليهم جميعا - قد جاء إلى قومه، بعد انحرافهم عن التوحيد الذي تركهم عليه رسولهم الذي سبقه .. فبنو آدم الأوائل نشأوا موحدين لرب العالمين - كما كانت عقيدة آدم وزوجه - ثم انحرفوا بفعل العوامل التي أسلفنا - حتى إذا جاء نوح - عليه السلام - دعاهم إلى توحيد رب العالمين مرة أخرى. ثم جاء الطوفان فهلك المكذبون ونجا المؤمنون. وعمرت الأرض بهؤلاء الموحدين لرب العالمين - كما علمهم نوح - وبذراريهم. حتى إذا طال عليهم الأمد انحرفوا إلى الجاهلية كما انحرف من كان قبلهم .. حتى إذا جاء هود أهلك المكذبون بالريح العقيم .. ثم تكررت القصة .. وهكذا ..