قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) سورة الأنبياء
التوحيد هو المقوّم الأول للتصور الإسلامي، بما أنه هو الحقيقة الأساسية في العقيدة الإسلامية، ولكنه كذلك هو إحدى خصائص هذا التصور، بما أن التصور الإسلامي يتفرد بهذه الصور الخالصة من التوحيد، من بين سائر التصورات الاعتقادية والفلسفية السائدة في الأرض جميعاً .. وبهذا الاعتبار نتحدث هنا عن "التوحيد" ضمن "خصائص التصور الإسلامي" كما سنتحدث عنه في القسم الثاني من هذا البحث، ضمن "مقومات التصور الإسلامي" ..
نتحدث عنه هنا ضمن الخصائص، لنبين نوع تفرد التصور الإسلامي بهذه الخاصية، من بين سائر التصورات الاعتقادية والفلسفية السائدة في جنبات الأرض.
ونبادر فنقرر أن "التوحيد" كان هو "الخاصية" البارزة في كل دين جاء به من عند الله رسول. كما أنه كان "المقوّم الأول" في دين الله كله .. وأن "الإسلام" - على إطلاقه- كان هو الدين الذي جاء به كل رسول. بما أن الدين هو إسلام الوجه لله وحده، واتباع منهج الله -وحده- في كل شؤون الحياة، والتلقي من الله -وحده- في هذا الشؤون كلها، والعبودية لله وحده بطاعة منهجه وشريعته ونظامه، والعبادة لله وحده سواء في الشعائر التعبدية أو في نظام الحياة الواقعية .. ولكن التحريفات والانحرافات التي وقعت في تصورات أتباع الرسل، إلى جانب طغيان الجاهليات على الديانات، لم تبق في الأرض كلها من تصور ديني صحيح، إلا التصور الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- وحفظ الله أصوله، فلم تمتد إليها يد التحريف، ولم تطمسها كذلك الجاهليات التي طغت على حياة الناس .. ومن ثم أصبح "التوحيد" خاصية من خصائص هذا الدين.
هنالك اعتبار آخر يجعل من حقنا أن نقرر هذه الحقيقة .. حقيقة أن التوحيد خاصية لهذا التصور. وهو المساحة التي تشملها حقيقة التوحيد في العقيدة الإسلامية، والجوانب التي