«الاتباع» وليست هي الشعائر التعبدية. وهو يقول لعدي ابن حاتم عن اليهود والنصارى واتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا: «بلى. إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال. فاتبعوهم. فذلك عبادتهم إياهم» .. إنما أطلقت لفظة «العبادة» على «الشعائر التعبدية» باعتبارها صورة من صور الدينونة للّه في شأن من الشؤون .. صورة لا تستغرق مدلول «العبادة» بل إنها تجيء بالتبعية لا بالأصالة! فلما بهت مدلول «الدين» ومدلول «العبادة» في نفوس الناس صاروا يفهمون أن عبادة غير اللّه التي يخرج بها الناس من الإسلام إلى الجاهلية هي فقط تقديم الشعائر التعبدية لغير اللّه، كتقديمها للأصنام والأوثان مثلا! وأنه متى تجنب الإنسان هذه الصورة فقد بعد عن الشرك والجاهلية وأصبح «مسلما» لا يجوز تكفيره! وتمتع بكل ما يتمتع به المسلم في المجتمع المسلم من صيانة دمه وعرضه وماله ... إلى آخر حقوق المسلم على المسلم! وهذا وهم باطل، وانحسار وانكماش، بل تبديل وتغيير في مدلول لفظ «العبادة» التي يدخل بها المسلم في الإسلام أو يخرج منه - وهذا المدلول هو الدينونة الكاملة للّه في كل شأن ورفض الدينونة لغير اللّه في كل شأن. وهو المدلول الذي تفيده اللفظة في أصل اللغة والذي نص عليه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - نصا وهو يفسر قول اللّه تعالى: «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» .. وليس بعد تفسير رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - لمصطلح من المصطلحات قول لقائل (?)
هذه الحقيقة هي التي قررناها كثيرا في هذه الظلال وفي غيرها في كل ما وفقنا اللّه لكتابته حول هذا الدين وطبيعته ومنهجه الحركي (?) ..